المذهب الوسط في تصنيف الناس للولي
يقول شيخ الإسلام: (وخيار الأمور أوساطها وهو: ألا يجعل معصوماً ولا مأثوماً إذا كان مجتهداً مخطئاً، فلا يتبع في كل ما يقوله، ولا يحكم عليه بالكفر والفسق مع اجتهاده) وإنما يخطأ، وهذا فرق عظيم بين العلماء وبين السفهاء في الأحكام، فإن العالم نادراً ما يأثم في المسائل الاجتهادية؛ لأنه بمقتضى كونه عالماً ومجتهداً يعلم أن الإنسان يجتهد اليوم، ويقرر حكماً، ثم يبدو له بعد ذلك شيء آخر ويغير اجتهاده، فلو كان يؤثم فإنه أول ما يؤثم نفسه، هكذا العلماء، وأما السفهاء والجهلاء والمتطفلون على العلم فإنهم إذا وجدوا الخطأ أثموا به، وبدعوا، وضللوا، وكفروا؛ مع أن الاجتهاد كما ذكر الله تعالى، وكما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مغفور فيه الخطأ، وهذا من رحمة الله تعالى؛ ولا سيما إذا كان الاجتهاد هذا لنصرة الدين، وإقامة الحق، والغيرة على محارم الله، والذود عن دين الله، فهذا وإن أخطأ في العمل فالدافع له، والنية والإخلاص التي من أجلها عمل العمل تشفع له، ويأخذ أجرها وإن فاته أجر الإصابة، ولا يفوته أجر الغيرة، والقيام للدين، والانتصار له.. فهكذا ينظر العلماء، وهكذا ينظر المجتهدون بعضهم إلى بعض.وأما من لم يكن كذلك فإنه كما ذكر الشيخ -رحمه الله- أحد رجلين: إما رجل يأخذ كل هذه الأخطاء ويقلدها تقليداً أعمى، وهذا لا خير فيه، ولا ينفع لا في علم ولا عمل، والصنف الآخر: هو الذي يتعصب، ولكن ضد الحق، فإذا بدر من عالم، أو مفتٍ أو قاضٍ، أو مجتهد، أو عابد خطأ فإنه يخرجه من الولاية، ويكفره، ويفسقه.